بين الخيال و الحقيقة
<!--[if !supportEmptyParas]--> <!--[endif]-->
سيقول الذين يسمعون هذا إنه الخيال بعينه وإنه الوهم , وإنه الغرور .
وأنّى لهؤلاء الذين لا يملكون إلا الإيمان والجهاد أن يقاوموا هذه القوى المتآلبة المجتمعة , والأسلحة المتنوعة المختلفة , وأن يصلوا إلى حقهم ,وهم بين ذراعي و جبهة الأسد ؟
سيقول كثيرون هذا , و لعل لهم بعض العذر ,فهم قد يئسوا من أنفسهم , ويئسوا من صلتهم بالقوي القادر , أما نحن فنقول إنها الحقيقة التي نؤمن بها ونعمل لها , ونحن نقرأ قول الله تعالى :
(وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لا يَرْجُونَ) (النساء:104) .
وإن الذين فتحوا أقطار الدنيا , ومكن الله لهم في الأرض من أسلافنا لم يكونوا أكثر عددا , ولا أعظم عدة , ولكنهم مؤمنون مجاهدون , ونحن سنعتد اليوم بما اعتد به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قال يبشر خبابا : (والله ليتمن هذا الأمر ، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ، لا يخاف إلا الله و الذئب على غنمه) وكانوا إذ ذاك يستترون.
ويوم وعد سراقة بن مالك سوار كسرى , وكان مهاجرا بدينه ليس معه إلا الله وصاحبه .
ويوم هتف مطلعا على قصور الروم البيضاء , وقد حاصره المشركون في مدينته بجنود من فوقهم ومن أسفل منهم : (وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ) (الأحزاب:10) .
<!--[if !supportEmptyParas]--> <!--[endif]-->
ثم ماذا كان بعد ذلك .....؟؟
كان أن أصغى مسمع الدهر لدعوة رسول الله , وترددت في فم الزمان آيات قرآنية , وأشرقت شموس الهداية في كل مكان من قلوب أصحابه وأتباعه , وعمّ الكون نور , ورفرف على الدنيا سلام , وتذوقت الإنسانية حلاوة السعادة بعدالة الحكم , , وأمن المحكوم في ظل هذا الرعيل الأول من تلامذة محمد صلوات الله عليه وسلامه , وفتحت قصور الروم , ودانت مدائن الفرس , ومدت الأرض بأعناقها , وألقت بجرانها وزويت أكنافها , واستسلمت مختارة للهداية المنقذة , ترف عليها أنفاس النبوة , وتمازجها أنفاس الوحي المقدس , وتحققت بها رحمة الله من كل جانب :
(وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيّاً عَزِيزاً , وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً , وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) (الأحزاب:25-27) .
سنعتد أيها الناس اليوم بهذه العدة , وسننتصر كما انتصر أسلافنا بالأمس القريب , وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم و وسيتحقق لنا وعد الله تبارك وتعالى :
(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ , وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ) (القصص:5-6) .
<!--[if !supportEmptyParas]--> <!--[endif]-->
(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) (الروم:60).
<!--[if !supportEmptyParas]-->